الجمعة، 2 سبتمبر 2011

التعويذة



- " ماما ماما قومي يا ماما فيه أصوات وحشة "
قالت (سميرة) الطفلة ذات الثمانية أعوام العبارة السابقة وهي تهز والدتها لتصحو فاستيقظت الأم بنصف عين وهي تسأل عن ما يحدث، استيقظ زوجها وهو ينهض مفزوعاً ليسأل الطفلة لكنه سكت لحظات هو والأم ينصتان لصوت ما كي يتأكدان مما يسمعا، صوت بكاء واضح ونحيب قريب من منزلهم ، غادر الرجل الفراش بسرعة وهو يمسك بساعته الموضوعة بجانب الفراش .. الساعة الثالثة بعد منتصف الليل ، توجه للشرفة لينظر يميناً ثم يساراً وفجأة تجمدت عينيه على تلك الفتاة التي تأتي من ناحية المنزل المجاور البعيد ، استغرقت نظرته ثوان وهو يرى بوابة المنزل المهجور مفتوحة وفتاة ترتدي حجاباً وتغطي وجهها تسير في الشارع وهي تبكي وتتخبط وتهتز كالسكارى !!!! هذا هو البيت المهجور الذي تدور حوله الشائعات ، ما الذي جعل فتاة تأتي من اتجاهه وتبكي بهذا الشكل ، دقق النظر جيداً يحاول أن يخترق الظلام الذي يحيط بالفتاة ، ملابس الفتاة مليئة بالدماء ويديها أيضاً !!!!!!
***

ماريا (قصة الصوفي والراهبة)



قلب (محمد) المجلدين بين يديه يتأملهما، كانا عبارة عن مجلدان كبيران ثقيلان مغلفان بجلد أسود ومنقوش عليه رسم لمفتاح الحياة الرمز الشهير عند القدماء المصريين والذي يشبه رمز الصليب، رفع (محمد) عينيه عن المجلدات مندهشاً بعدما وجد مفتاح الحياة على المجلدان فقال له (راغب):

- " لا تسألني عن سبب وضع رمز مفتاح الحياة على المخطوطات المسيحية لأنني لن أجيبك، أنت تمسك بالمخطوطات الناقصة من المجموعة التي يسميها العلماء مخطوطات نجع حمادي، وما تمتلكه الآن قنبلة لو انفجرت ستهدم الكثير والكثير، أرجوك عدني أن لا تنتشر تلك المخطوطات في حياتي، لا أريد أن يقتصوا من عائلتي، ولا أريد أن أرى ما بني في ألاف السنين يهدم أمامي وأكون أنا السبب "

- " أعدك يا (راغب) "

- " لو سألني أحدهم عن المخطوطات سأقول أنها سرقت "

- " لا يا صديقي بل قل للقس ما رأيت من مظهري وأذكر له ملابسي ومسبحتي وكلماتي وحديثي وقل له أنني أجبرتك وهددتك بقتل أطفالك وأنني كنت سأقتلهم أمام عينيك، وأذكر له ما رأيت من تغير وجهي "

- " لن يصدقني فهذا غير معقول "

ابتسم (محمد) بخبث وقال:

- " قل للقس أن من زارني وهددني قال أن اسمه (محمد عبد العال الغول)، وأنصحك أن تنظر خلفك الآن "

نظر (راغب) وراءه فجأة فلم يجد شيئاً فعاد لينظر لمحمد ليسأله ولكنه لم يجده أمامه؟؟!!!! لقد اختفى بلا صوت !!

***

مخطوطة بن إسحاق (المرتد)



((قال الدكتور (حسام) بنفاذ صبر لمساعدة:

- " اذهب لترى ماذا يحدث في المولدات "

مياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااو

نظر الجميع بدهشة لمصدر الصوت ليروا قطاً أسود اللون يقف متحفزاً أمام الباب وهو ينظر لهم .. هنا شهق (خالد) وهو يتراجع للخلف وهو يقول:

- " مستحيل .. نفس القط .!! "

ابتسم القط مرة أخرى كاشفاً عن أسنانه وهو ينظر للواقفين , هنا انطفأت الأضواء في الغرفة وسمع الجميع صوت زئير شديد ثم أحسوا بالمنضدة التي ترقد عليها الجثة تتحرك من موضعها

شعر (خالد) بصوت يحدثه في أذنه مباشرة كأنه يخبره بسر، يقول الصوت بخفوت:

- " سأستعير الجثث لأيام يا صديقي "

وعادت الإضاءة مرة ثانية

ولكن لا أثر للقط أو للجثة أو للتقارير التي كانت بجوار منضدة التشريح ..!!!!))

***

الجزار



لكن فجأة شعر ( صابر ) بيد الرجل اليسرى تطوق فمه وتسحب رأسه للخلف بشدة فحاول أن يتملص وهو يطلق أنيناً ويهز جسده محاولاً المقاومة ولكن الرجل قرب فمه من أذنه اليسرى وقال بخفوت :

- " علي أن أعترف أنني فقدت شهيتي للطعام ولا أرغب بتذوقك ولذلك سأكتفي بشيء بسيط هذه الليلة .. أما بالنسبة لسؤالك عن شخصيتي .."

توقف ( صابر ) عن الحركة والتملص وهو يستمع

- " أنا من أتيت من أعماق عقلي .. أنا الرغبة مجسدة ، أنا من أردت أن أكونه وأخاف أن أكونه .. أنا المسخ الذي عاد لكم"

فجأة شعر ( صابر ) بمحقن يخترق عنقه وسائلاً ما يدخل لجسده عن طريق أوردته ، ثم شعر بارتخاء في عضلاته والرجل يكمل كلماته قائلاً :

- " أنا ( آدم ) "

***

لقد فهم ، شرايين يده قطعت وسيموت في خلال دقائق على الأكثر، أخرج من فمه صوتاً كالخوار مرة أخرى وهو يشعر هذه المرة بوعيه يتسرب منه ، هل سيموت الآن ؟ جاءت في رأسه فكرة أسهل لينفذ بها ما يريد ، أخذ يسحب السجادة بيده اليسرى كي يصل لنهايتها وبالفعل وصلت ليديه بداية السجادة التي رفع بدايتها من على الأرض ليتحسس البلاط البارد بيده البسرى .

غاب دقيقة عن الوعي ولكنه أفاق مرة أخرى وهو يرتعش من فكرة أن يموت هكذا ، مد يده اليسرى ناحية يده اليمنى التي تنزف وبلل إصبعه ثم وضع الإصبع على البلاط وكتب بخط مرتعش

( ادم عاد )

نصف ميت



شهق شهقة كبيرة وهو يحاول أن يحرك يده من على الجثة التي وضع يده عليها يتحسسها، إذن هو داخل قبر، ياللهول ياللهول، هل مات وينتظر الحساب أم أن.. أم أن ماذا؟

ابعد يده عن الجثة وأوصاله ترتجف مما فهم.. حاول الارتكاز بيده على الأرض لينهض ولكنه فقد الوعي فجأة.

***

خرج الجميع وتركوا (طاهر) الذي أخرج من جيب قميصه علبة أقراص صغيرة وتناول قرصًا منها وهو يتكلم مع الجثة:

- " ايه يا حلوة مغمضة عينك ليه، مكسوفة مني وألا إيه "

مد يده يحاول أن يفتح عين الجثة ثم يخلع قميصه وسرواله ويمسك بسكين صغيرة تناولها من على منضدة (هادي) ليقطع بها قماش الكفن من على جسد الجثة .

***

مخطوطة بن إسحاق (مدينة الموتى)




اجتمع الساحر بالأربعة فقراء ثم جعلهم يحفظون هذه الكلمات:

سمامها طولام فقدشبينا يوهانيط سمسمائيل يصيفيدش إحرق كل من عصى أمرك بحق إصطفار و بيوم عمياخ وبحياة هليع بحق إصطفار وبيوم عمياخ وبحياة هليع يا من تسمعون في وادي القرنيم بحق سيدكم وبحق مقبلكم فكوا قيد بن ذاعات فيدعاهاط موسماعل حتى إذا حضرتم أحرقم الجبار بحق وصيل مشموهوه

***

فقال (يوسف):

- "ويبدو أنه قد جرت أقدامنا في مسالة أقوى منا بمراحل ، وأعتقد صدقاً ان تلك المخطوطة هي مفتاح لعالم الجن ، أو إذا أردنا التحديد هي مفتاح لبوابات معينة في عالم الجن لم نكون فكرة كاملة عنها"

جلسة تحضير



لا أشعر بالخوف، لا أشعر بالفزع، برغم ما يحدث حولي، أنا (عماد محي الدين) المحاسب الذي لا تستطيع أي جهة ضريبية أن تتحداه، أستطيع بعقلي أن أقاضي الضرائب ذاتها إن أردت، أعمل بشركة كبيرة لحديد التسليح ووظيفتي بالشركة هي مدير قسم الحسابات، أتحصل من تلك الوظيفة على مرتب ضخم يساوي مواهبي الكبيرة في التهرب من الضرائب.

لكن ما يحدث الآن لا علاقة له بعملي أو مهنتي، بل له علاقة بأمور مضحكة، نعم مضحكة في رأيي الشخصي، أجلس الآن وسط مجموعة تعتقد أنها تمارس جلسة تحضير أرواح، نقبع في غرفة في منزل هذا الشاب قوي البنية الطالب بكلية الحقوق المدعو (لطفي)، هذا الشاب الذي قرأ بضعة كتب عن تحضير الأرواح بالعربية والانجليزية فاعتقد أنه يستطيع تحضير الأرواح، وأعتقد أنه شاهد بعض الأفلام الأمريكية الرديئة التي تتكلم عن الرعب ويحضرون الأرواح بسهولة كأنهم يطلبون خدمة توصيل المنازل من إحدى المطاعم، أما هذا الرجل الوقور الذي يمسك بسيجارة في يده اليسرى فهو صديقي المحاسب (سامح) الذي يعمل بإحدى شركات حديد التسليح المنافسة لشركتي، لكننا أصدقاء منذ أيام الجامعة ولم يؤثر التنافس بين شركتينا على صداقتنا، والثالث هو (محمد) الشاب الذي يعمل في خدمة الغرف في فندق (s.n.p) بمرسى مطروح وهذا الشهر يقيم بالقاهرة معنا لأنها أجازته السنوية وهو صديق شخصي للطفي منذ أيام الدراسة الثانوية، ويعشق تلك الأمور المضحكة التي تتحدث عن تحضير الأرواح وما شابه.

الغرفة مظلمة إلا من ضوء شمعة في وسط المنضدة التي نجلس حولها والنظرات بيننا تتباين بين الخوف والقلق والترقب إلا نظرتي التي تحمل طابع السخرية مما يفعلون، كل منهم اجتمع لغرض في نفسه يريد تحقيقه فلطفي يريد أن يثبت لنفسه أنه يستطيع أن يقوم بفعل شيء غريب يستعرض به أمام زميلاته في الجامعة، فشخصية الوسيط الروحي برغم كل شيء شخصية غامضة وتستهوي الجميع وإذا علمت أن صديقك يتحدث مع أرواح الموتى فستنظر له برهبة بالتأكيد، وهذا هو ما يطمح له (لطفي) أن يتحدث عنه الجميع بصفته أنه الروحاني والشفاف الذي يحدث الموتى .. هذا الشاب متأثر فعلاً بالأفلام الأمريكية الهابطة، وصديقه (محمد) من النوع الذي ينبهر بكل ما يسمعه من (لطفي)، حدثه (لطفي) كثيراً عن تحضير الأرواح ووعده أنهم يستطيعون تحضير روح والده المتوفي لو أراد، وهذا ما جاء لأجله (محمد)، أما صديقي (سامح) فقد أحضرته أنا خصيصاً بعد كثير من الإقناع، وهو برغم كل شيء عملي جداً مثلي، لكن الشيء المضحك والذي لا يعلمه الجميع أنني حضرت خمسة جلسات تحضير أرواح من قبل وكلها فشلت، خمسة جلسات جعلتني أقتنع بتلك الفكرة وزاد إيماني بفشل تحضير الروح، وأعتقد أن هذا الطفل لن يستطيع تحضير حتى روح ذبابة الفاكهة، ناهيك عن استحضار روح بشرية.

ولكن علي أن أعترف أنني أردت حضور تلك التجربة لربما تم التحضير، أي أن الفضول هو ما يحركني لحضور تلك الجلسات، أداري ضحكاتي الساخرة عندما أجد أحد الوسطاء يمسك بلوح (الويجا) الذي يذكرني بلوح لعبة (الطاولة) الذي أراه في القهوة.

في إحدى الجلسات التي حضرتها وفشلت أحضر الأغبياء لوح (الويجا) وتلى أعقلهم كلمات باللغة الإنجليزية تقول "أيتها الروح احضري" .. لم أتحمل هذا الغباء الأصلي وكأن الأرواح لا تأتي إلا عند استخدام اللغة الإنجليزية في الاستدعاء كما تقول تقاليد الأفلام الأجنبية، أهي جلسة تحضير أرواح أم امتحان تحديد مستوى للغة الإنجليزية، ثم لو حضرت الروح هل يجب عليها أن تجيب على الأسئلة باللغة الإنجليزية؟ وماذا يحدث لو كانوا يحضرون روح فلاح مصري لم يكمل تعليمه، هل ستسمع روحه الاستدعاء مترجماً أم مدبلجاً!!!! عند تلك الخاطرة حاولت منع نفسي من الابتسام بسرعة، في حين سمعت صديقي (سامح) يتمتم قائلاً وهو ينفث دخان السيجارة في الهواء:

- " ما أظنش إن الجلسات دي بتنفع "

نظرنا له لكن لم ينطق أحدنا بينما ظهرت عصبيته وقلقه في طريقة استنشاقه لدخان سيجارته والتي أعرفها جيداً بحكم قربي منه، هنا تنحنح (لطفي) ورفع حقيبة سوداء من تحت المنضدة وأخرج منها طبق عميق يشبه طبق الفاكهة ووضع داخله قلم وبضعة أوراق وقال:

- " هانحضر الروح بطريقة السلة لكن بالطريقة الأصلية مش المنتشرة "

أخرج من الحقيبة السوداء مجموعة أوراق قطعت من دفتر ملاحظاته ودون عليها بالقلم الحبر، يبدو أن (لطفي) يدون ملاحظات عن التحضير في ذلك الورق، وأخرج أيضاً كرة سوداء كأنها ثمرة فاكهة وشيء أسود رفيع يصل لنصف متر لم نتبين هويته في الظلام، قال هو ليبدد حيرة الجالسين:

- " طريقة السلة الحقيقية لازم يكون في نفس السلة ثمرة فاكهة عفنت، وجثة تعبان أو أفعى "

اتسعت أعيننا وارتعش (محمد) للحظة وهو يتمالك نفسه كي لا يفزع .. أزاح (لطفي) السلة لمنتصف المنضدة بيننا وقال:

- " دلوقت احنا نحاول نحضر روح عم (سعيد) أبو (محمد) صاحبي الأول، ولو عرفنا نحضر روحه يبقى هانعرف نحضر أي روح تانية .. أنا هاقول كلام التحضير دلوقت ولو حصل وحضرت الروح مش عايز حد يسألها إلا أنا وهي هاتكتب في الورقة اللي في السلة وعلامة حضورها إن السلة تتزحزح من مكانها "

سكتنا ونحن نحاول أن نحافظ على هدوئنا حتى صوت أنفاسنا جاهدنا كي لا يخرج، وها هو (لطفي) يمسك إحدى الأوراق التي بحوزته ويقربها من عينه وهو يقول بصوت خافض:

- " بروح بروح بطيم بطيم مهين مهين أقسمت عليكم بقسم الأولين أن تنزلوا بروح (سعيد بن علي بن عبد الصبور) اقلعوا امنين واهبطوا امنين عليكم سلام وأمامكم سلام وخلفكم سلام وتحتكم سلام بحق حية الملك طرهائيل وقاتلها بحق حية الملك طرهائيل وقاتلها اكشفوا بيننا وبين المذكور الحجاب .. بكلمات برخيا نحضركم وبكلمات برخيا نصرفكم وبكلمات برخيا نؤذيكم بإذن اله العالمين "

توقف (لطفي) عن كلماته ونظر للسلة فلم يجد أي تغيير، ظهرت معالم خيبة الأمل عليه وظهرت معالم الضحك على وجهي .. استنشق نفساً طويلاً و(سامح) يلقي بسيجارته بعدما انتهت على أرضية الغرفة والأخير يقول:

- " قلت لك أن التحضير مش هاينفع "

- " يبقى مفيش غير إننا نحاول مع روح تانية "

قال (لطفي) أخر عبارة وهو يعتدل ويتذكر اسم الروح الأخرى ويقول:

- " بروح بروح بطيم بطيم مهين مهين أقسمت عليكم بقسم الأولين أن تنزلوا بروح (عماد بن محيي الدين بن الزهراوي) اقلعوا امنين واهبطوا امنين عليكم سلام وأمامكم سلام وخلفكم سلام وتحتكم سلام بحق حية الملك طرهائيل وقاتلها بحق حية الملك طرهائيل وقاتلها اكشفوا بيننا وبين المذكور الحجاب ... "

لم يكمل (لطفي) بقية كلماته وجدت فجأة هواء يلفح الغرفة وشعرت بجسدي يرتفع في الهواء وفجأة خرج من الظلام رجلان لا وجوه لهما !! أمسكا بطرفي يدي وجذباني لأقف أمام المنضدة بدلاً من ارتفاعي في الهواء وشعرت بمن ينغزني في كتفي والثاني مد يده ناحية الطبق الموضوع وسط المنضدة ليحركه فانتفض الثلاثة من مقاعدهم و(لطفي) يقول:

- " روح صاحبك (عماد) حضرت يا أستاذ (سامح) .. سبحان الله زي ما زارك من يومين في الحلم وطلب منك تجيلي علشان فيه معاد جلسة تحضير "

لقد نجحت الجلسة واستطاع هؤلاء الأغبياء أن يحضروني ويجعلوني أتمكن من التواصل معهم

ابتلع (سامح) ريقه بصوت مسموع وهو يجفف بيده قطرات عرق نبت على جبينه ويقول:

- " (عماد) من ساعة ما اختفى من سنة وكلنا شاكين إنه ميت، وأصحابنا حاولوا يحضروا روحه خمس مرات قبل كدة وفشلوا، ولما زارني في الحلم من كام يوم وقاللي أجي أزورك في بيتك علشان أحضر جلسة تحضير مكنتش مصدق وافتكرت نفسي بأخرف .. سلام قولاً من رب رحيم"

***

أما صديقي (سامح) فقد أحضرته أنا خصيصاً بعد كثير من الإقناع، وهو برغم كل شيء عملي جداً مثلي، لكن الشيء المضحك والذي لا يعلمه الجميع أنني حضرت خمسة جلسات تحضير أرواح من قبل وكلها فشلت

***

قال (محمد) برهبة وهو ينظر للمقعد الذي كنت أجلس عليه طول الجلسة:

- " يعني انت يا (لطفي) كنت سايب الكرسي ده فاضي من الأول علشان متأكد إن الروح لو جت هاتقعد عليه !!!! "

- " أة "

شعرت بقوة غريبة برغم الاثنان اللذان يكبلان حركتي فجربت أن استخدم تلك القوة وأمسكت بالقلم الموضوع في الطبق فشعرت بملمسه !!!! لأول مرة منذ موتي يمكنني لمس الماديات، أمسكت بالقلم وكتبت على الورقة ((من سنة اكتشفت خيانة سلمى مراتي لكنها قتلتني هي وصاحبي حاتم اللي كانت بتخوني معاه ودفنوا جثتي في الكيلو 22 لطريق مصر اسكندرية جوه الصحرا بمسافة 70 متر على يمين الطريق))

شعرت بالارتياح بعدما أرشدت عن قاتلي وسبب قتلي وخاصة بعدما أمسك صديقي بالورقة وقرأها .. حان الوقت لأرحل وخاصة أن الاثنان اللذان يكبلان حركتي بدأت أشعر بالرعب منهما، لكن فجأة قال صديقي (سامح):

- " انت روح (عماد) "

أمسكت القلم وكتبت بسرعة:

- " لا أنا قرين عماد ولازمته طول حياته ولغاية ما مات وروحه مااعرفش راحت فين، أنا عايز أمشي "

عندما قرأ صديقي الورقة قال للطفي أنني أريد الرحيل فقال (لطفي):

- " بخ بخ شمخ شمخ في أمان الله فارقنا في أمان الله فارقنا نحرج عليك أن لا تعود إلينا ولا تؤذينا بحق عهد سليمان الحكيم، لا ضرر ولا ضرار لا ضرر ولا ضرار "

وقبل أن يجرني اللذين يكبلونني قلت داخلي أنني بدأت أؤمن بجلسات تحضير الأرواح

***

حسن الجندي

أدب الرعب في العالم العربي 3


بسم الله الرحمن الرحيم

3

نعود في مقالتنا الثالثة لمناقشة وعرض تصنيفات الرعب التي بدأتها في المقالة السابقة:

(الرعب التاريخي) أطلقت هذا المصطلح على قصص الرعب التي تقوم على مبدأ تاريخي كقلعة حدثت بها مذبحة حقيقية أو مخطوط قديم يدور حوله جدال مرعب، ولكن الرعب التاريخي يجب أن يحمل جزء من الحقيقة أو الحقيقة الكاملة أو معلومات تاريخية موثقة، فهو رعب خادع تختلط فيه الحقائق بالخيال ويترك للقارئ التمتع بهذا الخليط، ومثال على ذلك رواية (مخطوطة بن إسحاق) التي استخدم فيها الرعب التاريخي بشكل مستفيض مع إضفاء لمسات من الخيال عليه لجعل مخطوط قديم هو محور الأحداث بما يحويه من كلمات تتعلق بالجان وبقرية مصرية قديمة غير مسجلة في السجلات الحكومية أبيدت على أخرها. الفكرة هنا تاريخية تحمل حقائق تختلط بالخيال.

(الرعب الفلسفي) وهذا المصطلح ربما يكون غريب لاجتماع الرعب بالفلسفة ولكن الخوف من شيء ما غريزة كغريزة البحث عن الحقيقة في الفلسفة، والفلسفة بدون تحيز أكثر الأنماط التي تمتلئ بالرعب في رأيي من كثرة المواضيع التي تبحثها بأكثر من منظور وبأكثر من طريقة في بعض الأحيان تفضي إلى نتائج مذهلة تقشعر لها الأبدان، فالبحث عن الله هو أكثر أنماط البحث رعباً لو تم تناوله مثلاً بطريقة روائية احترافية، وكمثال على ذلك هناك رواية (ن=ف) التي يصلح الرعب الفلسفي نوعاً لها فهي تغوص بين العلم والفلسفة في اكتشاف أصل الموت وهل يمكن السيطرة عليه فيمكن للإنسان أن يعيش مدى الحياة، هل هناك من استطاعوا فعل هذا؟ يمكنك أن تسأل نفسك ألف سؤال وأنت تقرأ الرواية، وتخاف من المجهول ألف مرة وتتوقع لها ألف رواية، ولكنك دائماً ما تصدم بالحقيقة، وللقصص الفلسفية المغلفة بالرعب أمثلة قليلة جداً فهي منطقة بكر يخاف الكثيريين الخوض فيها.

(الرعب العلمي) ويخلط البعض هنا بينه وبين الخيال العلمي وإن كنت أعترف أن هناك خيط مشترك بين الاثنان فالخيال العلمي يستند لنظرية علمية بفرض صحتها ثم يبني عليها أحداثاُ خيالية ونتائج علمية وتدور الدراما في هذا النمط، أما الرعب العلمي فهو لا يعتمد على نتائج علمية من الفكرة العلمية التي يبدأ بها ولكنه يترك الجزء العلمي ليغوص في الجزء الخاص بالخوف والرعب فهناك روايات صدرت في العالم الغربي تتكلم عن خاطفي الأجساد والاستحواذ ولو كان الاستحواذ من الفضاء فسيصنف رعب علمي لأنه بدأ من فرضية علمية وهو السيطرة على الخلايا العصبية عن طريق مصدر من خارج الأرض، أما بقية الرواية والمواجهة لو تمت بشكل علمي فيصنف خيال علمي.

(رعب القدرات) أيضاً تقع القدرات النفسية والمادية للإنسان بين منطقة الرعب والخيال العلمي ولكنها أقرب للرعب منها للخيال العلمي لأن تلك القدرات الجزء الأكبر منه لا يتبع نظرية علمية واحدة ولا يمكن الجزم فهناك مئات النظريات العلمية التي تحلل القدرة الواحدة فالتحريك عن بعد لها الكثير من النظريات التي تقول أنها تخص الهالة المحيطة بالجسد أو العقل أو الصدمات أو التدريب والكثير والكثير فلذلك تقترب أكثر القدرات من عالم الرعب ويمكن تناولها بشكل أثرى في ذلك العالم، والأجمل في رعب القدرات أن المساحة مفتوحة فيه إلى حدود ضخمة _مع التركيز على احترام القارئ_ فهناك التحريك عن بعد وقراءة الأفكار وتحريك النيران وإشعالها والقوة الجسدية وخروج الكهرباء من الجسد وهناك قدرات يمكن اختراعها مع صعوبة اختراعها بالطبع كقدرة شخص على الاكثار من الماء بمجرد لمسه وهي قدرة ليست موجودة بل من اختراع خيالي، ولكن يمكن استخدامها في عمل درامي مغلف بالرعب، مع الحرص على أن تلك النوعية من الرعب يجب أن تكتب بشكل احترافي لأن القارئ العربي لم يتعود على تقبل فكرة أن هناك أصحاب قدرات غريبة يعيشون بينه سوى المتدينين والسحرة.

(رعب العالم الآخر) تندرج تحت تلك النوعية المقابر والأموات والاستيقاظ من الموت والمقابر المفتوحة وإن كانت تختلف الأفكار من شعب لآخر بسبب ومن دين لآخر ففي المسيحية يستخدم التابوت للدفن وفي الإسلام يتم الدفن في التراب لذلك كان التناول مختلفاً، وتلك النوعية شائكة جداً بالنسبة لليهودية والمسيحية والإسلام، فالعالم الآخر الذي هو الموت له قدسية في الأديان السماوية وعليه اختلاف في الأديان الوضعية، وهذه هي المشكلة، فالتناسخ هي فكرة من دين وضعي تخالف الأديان، وإذا تناولها كاتب عربي سيظل يحمل انتقاداً دينياً حتى وإن كانت الشخصيات خيالية، ولذلك ظلت تلك النوعية صعبة التناول عند العرب لأن الخوض في مسألة العالم الآخر يعرض صاحبه للاتهام بالهرطقة أو الكفر، مع ملاحظة أنني في هذا النوع لا أقصد الأرواح لأنني سأكتبه في النوع القادم.

(رعب الروح) من المناطق الشائكة أيضاً ولكن يسهل تناولها في بعض الأعمال لأن هناك قدرات للروح بعد الوفاة باعتراف الديانات السماوية والوضعية وتلك القدرات نعرف بعضها ويظل البعض الآخر مغلق، وتشتمل القائمة على الأشباح والأرواح التي تسير هائمة أو تسكن المنازل والمباني، وإن اعتقد بعض الكتاب أن أسهل نوع في التناول أثناء كتابة قصة الرعب هو هذا النوع فهم واهمين لأن مئات الكتاب استخدموا هذا النوع واستهلكوه فأصبح على كاتب يكتب عن قصة تتعلق بالأرواح أن يكون دقيقاً ومجدداً ومتميزاً في نفس الوقت، ومن أمثلة الكتاب المصريين الذين تكلموا عن الأرواح د / أحمد خالد توفيق في قصص سلسلة ما وراء الطبيعة .

أدب الرعب في العالم العربي 2


2

نعود لمناقشة الرعب من جديد ولنعلم أن كلمة رعب لها أكثر من معنى، يبدأ من وصف الشخص نفسه أنه (مرعوب من الامتحان) إلى (مرعوب من الزواج) إلى (مرعوب من والده) أي أن الرعب في ذهن الإنسان الطبيعي هو حالة لحظية تتملكه عند التفكير في موقف سيمر به أو عند مرور الموقف به أو عند تذكره لموقف مر به، وفي نفس الوقت يمكنكم قياس ذلك على موقف يتخيل أنه سيمر به أو موقف يتخيل أنه يمر به الآن أو موقف يتذكره من خياله على أنه مر به، والمرور هنا لا يستوجب مرور الشخص نفسه بل من الممكن أن يكون أحد أحباءه أو أقرباءه أو أحد أعداءه أو حتى شخص لا يعرفه، إذن نستخلص من ذلك أن الرعب كلمة مطاطة تطور مع تطور الزمن فلا يمكنك في عام 1850 قبل الميلاد أن تخاف من كرسي الإعدام الكهربي، حيث أننا من الممكن أن ندخل كرسي الإعدام الكهربي الحديث المستخدم في الدول الأوربية من جملة كلمة رعب ولا يعنينا الآن إن كان يصلح للعالم العربي أم لا لكن نتكلم عن أنه دخل حديثاً لمفهوم الرعب، كذلك دخل الهاتف المحمول والهاتف العادي لجملة الرعب وتم استخدامهم في كثير من الروايات والأفلام على الرغم أنه من قرون لن يمكنك مقابلة شخص طبيعي يخاف من قطعة من الحديد التي هي الهاتف، ولكن هناك أساسيات يخاف منها الإنسان بفطرته تشترك في جميع الثقافات والأزمنة منذ بدء الميلاد إلى نهاية الأرض مثل الخوف من (الدماء – الأموات – القبور – الدين – الجوع – الألم – الظلام) وغيرها من أساسيات يشترك فيها الجميع.

ومقالة اليوم أعتقد أننا يجب أن ندرس فيها كلمة رعب، فالبعض يقول أن الرعب هو الأشباح أو القبور أو العفاريت وما غيرها يصنف تصنيفات أخرى وهو ما لا أعتقد بصحته، وأنا أتكلم هنا عن الأدب لا عن السينما، فمشكلة أدب الرعب في مصر أنه وليد وقد قامت ولادته المتعسرة على مدى أربعون عاماً انتهت بالأديب الطبيب د/أحمد خالد توفيق ليقول لنا بارتياح (لقد تمت الولادة على خير) وبعد أن تمت الولادة أصبحت الساحة الأدبية تطلب كتاب يتحملون تربية هذا الوليد الصغير، وسنتكلم لاحقاً عن الكتاب الشباب الذين ساهموا في تربية أدب الرعب ليتعلم مفرداتنا العربية بعد أن كان مسخاً للأدب الغربي، ولكن نكمل الآن مشكلة تصنيف خانة الرعب.

ظل تصنيف الرعب فترة كبيرة من الزمان تصنيفاً واهياً فتجد من يقول عنه أنه (فانتازيا) وآخر يقول لك (خيال علمي) وآخر (إثارة) وآخر (غموض) ويهمل الجميع تسمية الرعب لأن النقاد يعتبرونه نوعية أقل شأناً بين التصنيفات ويصنفونه أنه أساطير وخرافات وبالتالي لا أحد يهتم به على الساحة الأدبية، عندما بدأت الكتابة في هذا المجال واجهتني مشكلة التصنيف، يخشى الجميع اطلاق لقب رعب على أي عمل وفي حين آخرين يطلقون كلمة رعب على بعض الأعمال العادية فأصبح القارئ متخبطاً في تحديد نوعية أدب الرعب في مصر ليظهر قراء يكرهون هذا الرعب في مصر بعدما اشتروا الكتاب الفلاني وأخذوا مقلباً معتقدين أنه من أدب الرعب مثلما أشيع عنه واكتشفوا أنه من أدب الرحلات أو أدب الحركة أو الجاسوسية أو الأدب الاجتماعي، وبالتالي أخذوا فكرة سيئة عن بقية الأدباء في الوطن العربي.

فقمت بتصنيف الرعب إلى مجموعة من الأنواع والأنواع تختلف عن مدارس الكتابة فمن الممكن أن يكون نوع الرعب واحد ولكن المدارس مختلفة في الكتابة، والأنواع التي صنفتها وأعمل بها هي:

(رعب نفسي) وهو الذي يعتمد على مشكلة الأبطال النفسية وتحولاتهم من حال إلى حال مع وجود نوع من الخوف الذي يخاطب داخل الإنسان مثل الخوف من الظلام أو الوحدة أو الخوف من الدماء، وكانت مشكلة من اصطدموا بإحدى رواياتي التي دارات في الرعب النفسي أنهم قالوا لم نشعر برعب وهذه فكرة خاطئة عن الرعب لأن الرعب النفسي ببساطة لن يجعلك تقفز من مقعدك وأنت تصرخ من الفزع لأنه أدب، أي يعتمد على خيال القارئ وليس فيلماً سينمائياً، ولكن دعوني أعطي مثالاً على الرعب النفسي، قصة كتبتها عن طالب في المرحلة الثانوية يخاف من مادة الرياضيات ودائماً ما يسمع جميع أصدقاءه ومدرسه في الدرس الخاص الذي يتلقاه يقللون من شأنه، وبعد مرور أربعة أشهر وهو كل يوم يفكر في شعوره بالمهانة من أصدقاءه السبعة في الدرس الخاص ومدرسه الذي يتعمد إهانته أمامهم، بعد الأربعة أشهر يعلن المدرس عن امتحان تحريري لاختبار القدرات بعد أيام، في تلك الأيام في انتظار الامتحان يخاف الطالب، ويتحول الخوف داخله إلى شعور بالغضب من زملائه ويتخيل عندما يرسب في امتحانه، فيصمم على قتل جميع زملائه في الدرس الخاص ومعهم مدرسه ليهرب من هذا الامتحان، ويبدأ التخطيط والتنفيذ بكل برود حتى يقابل مفاجأة.

المثال السابق عن قصة كتبتها ولم أجد لها تصنيف فهي ليست عن عالم خيالي لأقول أنها (فانتازيا) وليست (اجتماعية) لان الاهتمام في القصة يدور حول عقل الطالب وليست حياته الاجتماعية لأنها هامشية، وبالطبع هي ليست (إثارة) لأن التحول الذي يحدث في عقل الطالب تقاربه أنت ببطء كأنه يحدث لك، لم يبق لي إلا التحولات النفسية ومنها سميت هذا النوع بالرعب النفسي وهو مرعب في فكرة أن تكون أنت مكان البطل فتشعر بغضبه وخوفه.

(رعب ديني) سميت هذا المصطلح لنوعية خاصة من الكتابات اعتمدت على الرموز الدينية سواء في الإسلام أو المسيحية أو اليهودية أو الزاردشتية أو البوذية، فمثلاً الكاتب (علاء محمود) له قصة تسمى (حدث ليلاً) استخدم فيها الرمز الديني الذي خاف البعض أن يستخدمه كي لا يخصص برغم أن الرموز الدينية مستخدمة في الأفلام الأوربية مثل أسطور أن مصاص الدماء يخاف من الصليب أو الماء المقدس، ومثل استخدام صفحات من التوراة لمواجهة وحش ما في الفكر الأوربي، والرموز الدينية تختلف من الشيخ إلى القس إلى الحاخام إلى القرآن إلى الانجيل إلى التوراة إلى الكثير والكثير من الرموز الدينية، وهذا النوع يخاف الجميع من الكتابة فيه.

وأكتفي بهذه الأنواع الآن وأعود في المقالة القادمة لأعرض بقية أنواع أدب الرعب.

يتبع ..

أدب الرعب في العالم العربي 1


بسم الله الرحمن الرحيم

1

لتفهموا ما أريد قوله يجب عليكم الاستماع تلك الحكاية ، حكت لي والدتي حكاية عن فيلم المنزل رقم 13 بطولة عماد حمدي ومحمود المليجي ، في أول عام 1971 كانت والدتي تجلس لتشاهد مع أفراد عائلتها في سهرة التلفزيون المصري _ عند الساعة الثامنة _ الفيلم المصري ( المنزل رقم 13 ) ، كانت تروي لي والدتي أنها كانت ترتعد هي وشقيقاتها من هذا الفيلم المقبض ، ربما لأنه من الصدف أن الفيلم يدور عن جريمة قتل في منزل يحمل رقم 13 في الطابق الثالث ، ومنزل عائلة والدتي كان ومازال يحمل رقم 13 وشقتهم كانت في الطابق الثالث !!! كانت مصادفة مرعبة لهم ، لحظات من الترقب والتفكير والتخيلات حتى ينتهي الفيلم .. لقد دب الرعب في قلبها من هذا الفيلم .. هل فكر أحد ماذا أعني بالمثال السابق وما علاقته بأدب الرعب ؟ إن المثال السابق يعني أن الإنسان هو من يصنع الرعب لنفسه لا الشيء الذي يراه أو يسمعه ، لقد صنع هذا الفيلم في عقل والدتي فكرة مرعبة عن القاتل الذي ربما يزورهم في شقتهم .

ليس الكاتب أو المؤلف هو من يزرع الرعب في عقل القارئ ، بل القارئ هو من يزرع الرعب داخله من خلال وضع نفسه مكان أحد أبطال العمل ويتخيل ما يمكن أن يحدث له أو لأسرته أو تعيد عليه ذكرى قديمة مر بها أو رأى من مر بها ، ولكن هل يكفي أن يكتب الكاتب عن القتل أو الدماء أو الأشباح أو المتحولين ليصنف ما كتبه تحت خانة أدب الرعب ؟

لو كان الحال هكذا فيمكنني أن أتكلم معك عن فتاة قابلت شبحاً في طريق عودتها لمنزلها ثم قتلها .. وكفى ، أو أقول لك أن هذا المنزل يقطن به قاتل يذبح الناس ويأكلهم .. بلا سبب ولا هدف ، تلك النوعية لا ترتقي إلى أدب الرعب بأي حال من الأحوال وأنا أتكلم عن الأدب الآن لا عن الأفلام أو السيناريو ، وأتكلم عن الأدب لأن أدب الرعب هو ما تحول فيما بعد لعشرات الأفلام والأدباء الذين تكلموا في الغوامض اقتبست أفكارهم فيما بعض في عشرات الأفلام كماري شيلي مؤلفة رواية (فرانكنشتاين) التي أوحت بعشرات الأفلام لصناع السينما في العالم كله عن الوحوش التي تخرج عن إرادة صانعها وتنتقم منه ، وريتشارد ماثيون الكاتب المشهور نجد إحدى رواياته (أنا الأسطورة) التي أوحت للمخرجين بفكرة الموتى الأحياء وطبقت أيضاً في عشرات الأفلام ثم تحولت الرواية نفسها لفيلم ناجح مرتين منهم مرة عام 2007 ، والأمثلة ضخمة وكثيرة لا يسعنا المجال لذكرها ، لذا سنبدأ من هنا بالتحدث عن أدب الرعب .

يبتع ...